موقع نجوم بلس ينقل لكم أحدث الأخبار لحظة بلحظة من مصادر موثوقة، مع تغطية شاملة لمختلف المجالات لضمان وصول المعلومات إليكم بدقة وشفافية. تابعونا لمعرفة التفاصيل أولًا بأول.
جاءت بلدة صغيرة في جنوب إيطاليا في عالم يبحث فيه الإنسان عن سر الشباب الدائم وطول العمر، لتقدم نموذجًا حيًا وواقعيًا يستحق الدراسة. بلدة “أتشيارولي”، الواقعة ضمن منطقة تشيلينتو، أصبحت محط اهتمام الباحثين والعلماء من مختلف أنحاء العالم، بعد أن كشفت دراسة علمية حديثة عن ظاهرة فريدة: نسبة غير مسبوقة من سكانها يعيشون لما بعد المئة عام، وهم يتمتعون بصحة بدنية وعقلية متميزة.
الدراسة التي استغرقت عشر سنوات كاملة، وشارك فيها باحثون من مبادرتي “تشيلينتو لنتائج الشيخوخة”، جاءت لتسلّط الضوء على نمط حياة سكان هذه البلدة الساحلية، الذين تحدوا مفاهيم التقدم في السن وأعادوا تعريف الشيخوخة. وبحسب تقرير نشره موقع سايتك ديلي العلمي، فإن أكثر من 90% من المعمرين في أتشيارولي يتبعون نظامًا غذائيًا متوسطيا تقليديًا، يعتمد على وفرة الفواكه والخضروات الطازجة، البقوليات، الحبوب الكاملة، زيت الزيتون، والأسماك، مع تقليل واضح في استهلاك اللحوم الحمراء.
ما يجعل التجربة الإيطالية في أتشيارولي أكثر إبهارًا هو أن الزيتون المنتج في المنطقة يحتوي على نسب منخفضة من الأحماض الدهنية الضارة، كما أن الزيت المستخلص منه غني بمركبات طبيعية تحمي من أمراض القلب وتدهور وظائف الدماغ، وهي مشكلات شائعة في مراحل الشيخوخة حول العالم.
لكن النظام الغذائي وحده لم يكن كافيًا. تشير الدراسة إلى أن نمط الحياة النشط جسديًا، وانخفاض مستويات التوتر والقلق العصبي، كانا عاملين حاسمين في بقاء هؤلاء السكان في حالة صحية ممتازة حتى في أعمار تجاوزت الـ100 عام. الباحثة باولا أنتونيني، إحدى المشاركات في الدراسة، أكدت أن كبار السن في البلدة يتمتعون بـ”كفاءة إدراكية واستقرار نفسي ملحوظ”، ويُظهرون مقاومة واضحة لأمراض الشيخوخة المزمنة، مثل الزهايمر والشلل الرعاش.
والمثير في نتائج الدراسة أن العمر البيولوجي لهؤلاء المعمرين يقل بمتوسط 8.3 سنوات عن أعمارهم الحقيقية، ما يعني أن أجسادهم تعمل وكأنها أصغر منهم بقرابة عقد كامل.
هذه النتائج تدعم بشكل قوي الفرضية القائلة بأن التغذية المتوازنة والحياة البسيطة المرتبطة بالطبيعة والنشاط البدني، قد تكون مفتاحًا حقيقيًا لطول العمر.
بلدة “أتشيارولي” لا تقدم فقط درسًا في الصحة العامة، بل تبعث برسالة أمل للعالم مفادها أن العيش لعمر مديد ليس حكرًا على الجينات أو الحظ، بل هو ثمرة لاختيارات واعية وأسلوب حياة منسجم مع الطبيعة.
